سلام : "شطبنا شطب الودائع"... ما الذي يعنيه للمودعين؟ -- Nov 21 , 2025 29
يظلّ ملف الودائع أحد أبرز التحديات التي تواجه النظام المالي والمودعين في لبنان. وفي ما خصّ هذا الملف، قال رئيس الحكومة نواف سلام في مؤتمر بيروت 1: "كنت أول من قلت شطبنا شطب الودائع، والاقتراحات السابقة لردّ الودائع بعشر سنوات وأكثر غير مقبولة خصوصاً لأصحاب الودائع الصغيرة، والجميع سيحصل على ودائعه وفي فترات منطقية". وشدّد سلام على حماية صغار المودعين، مع ضرورة التمييز بين الودائع المشروعة وغير المشروعة ومحاسبة من استُخدمت أموالهم لأغراض غير قانونية.
ومع كل هذه الوعود والتصريحات، يظلّ السؤال الذي يشغل الجميع: كيف ستوزع الخسائر فعلياً، ومن سيتحمّل الكلفة؟
قدّم الخبير الاقتصادي وليد أبو سليمان إجابة مفصّلة لموقع mtv، مشيراً إلى أنّ مقولة "شطبنا شطب الودائع" تعكس واقعًا ماليًا حقيقيًا، حيث استُهلك الجزء الأكبر من الودائع لتمويل عجز الدولة ومصرف لبنان، فيما تجاوزت خسائر النظام المالي 70 مليار دولار.
ويقول أبو سليمان إنّ الودائع بقيت "رقماً على الشاشة" لكنها غير موجودة فعلياً، ما يجعل السؤال الحقيقي: "كيف نوزّع الخسائر وعلى من؟".
ويشير إلى أنّ موقف رئيس الحكومة نواف سلام برفض خطط السداد الطويلة التي تُرهق صغار المودعين يعكس توجّهاً سياسياً صحيحاً، لكنه بحاجة إلى خطة واضحة لتوزيع الخسائر بين الدولة والمصارف ومصرف لبنان وكبار المودعين والأموال غير المشروعة.
وبالنسبة الى التمييز بين الودائع المشروعة وغير المشروعة، يوضح أنّ الوديعة تُعدّ مشروعة اذا لم يثبت العكس، مع اعتماد أدوات قانونية وتقنية مثل سجلات التحويلات وبيانات "اعرف عميلك" والتعديلات على السرية المصرفية، وتصنيف غير عقابي يحمي صغار المودعين ويخضع كبار المودعين والفئات السياسيّة لتدقيقٍ معمّق.
ورغم ضعف استقلالية القضاء، يؤكد أبو سليمان أنّ القدرة القانونية للمحاسبة موجودة، لكن التطبيق يحتاج الى إرادة سياسية واضحة، مع دعم القضاء المالي، وتفعيل الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وتعزيز التعاون الدولي لاستعادة الأموال في الخارج.
أما الإطار العادل لاستعادة الودائع، فيقوم على حماية صغار المودعين بالكامل، وتوزيع الخسائر تصاعدياً بعد شطب رساميل المصارف، مع ترتيبٍ هرميّ يبدأ بالمساهمين، ثم الدولة ومصرف لبنان عبر إعادة الهيكلة وصندوق وطني، وأخيراً المشاركة المحدودة للودائع الكبيرة مقابل حقوقٍ مستقبلية.
ويشير أبو سليمان إلى أنّ الحلّ ممكن وعادل بشرط توفّر إرادة سياسية تمنع تحميل الخسائر للفئات الأضعف، وتعيد الثقة بالنظام المالي عبر توزيع الكلفة على من استفاد من المنظومة لا على من دفع ثمنها.
وفي الختام، تستدعي المرحلة المقبلة إجراءاتٍ حاسمة لضمان العدالة واستعادة الثقة بالنظام المالي.